الدعوة إلى الله ..
بقلمى // رضا مصطفى العطار
الدعوة إلى الله عز وجل: هى المهمة الأساسية العظيمة لقادة المؤمنين وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: ( قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى ، وسبحان الله وما انا من المشركين )
ثم تولاها من بعدهم من بعدهم أتباعهم ثم من بعدهم تولتها أممهم.
والدعوة إلى الله ليست عملاً محدداً أو محتكراً، ولكنها نشاطٌ دعوى توعوى عام. وجهدٌ شامل لكل المجالات والإتجاهات والتخصات فهو ليس عملاً محصوراً بفئة أو بنشاطٍ أو نوعٍ أو مجال، فهى تمتد لتشمل كل المسلمين ، حتى من يصنفون أنفسهم بالعصاة، ذلك لأن الناس كلهم عصاة تجرى عليهم اخطاء البشر.
ولو لم يعظ فى الناس من هو مذنبٍ
فمن يعظ العاصين بعد محمدٍ؟
والنبى صل الله عليه وسلم يقول:
( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) رواه أبوداود
إن الدعوة جملة من الجهود التوعوية والإصلاحية ، والتعليمية، والثقافية والإرشادية التى يسهر عليها فئاتٌ ونخب من المصلحين، والدعاة والعلماء، والمتحدثين والمهمومين بقضايا الإسلام، والمتعاطفين مع أهله ، والمحبين لإنشاره عبر عصورٍ طويلة ، وذلك من أجل نهضة الأمة ورقيها وإصلاحها.
والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ليست تخصصاً كما أسلفنا . فى ليست تخصصاً لفئة معينة ولا لشريحة خاصة ،فالإنسان الذى يقدم استشارات تربوية للناس داعية، والذى يقدم خدمات ويساهم فى الأعمال الخيرية داعية، والذى يدعم الإصلاح والمصلحين داعية ، والذى يسعى لتعديل وتقويم المجتمع داعية، والذى يصحح خلل الفكر والعقل والتصور داعية، والذى يدل على أماكن الخلل والقصور ويقدم محاولات لعلاجها وتفاديها داعية، بل والذى يقوم للناس على نماذج وبدائل مباحة فيما يقعون فيه من المحرمات يمارس مهمة دعوية، لأن الإنسان الذى تقدم له خطاباً دينياً تأمره بشىء أو تنهاه عن آخر هو بحاجة إلى مناخ يساعده على التدين، وكلما حاول المسلم تقريب نفسه للآخرين إلى الخير من اى وجة وإبعادهم عن الشر من أى وجة فهو يقوم بمهمة دعوية بامتياز.
وكل ذلك من انواع الصدقات العظيمة التى يقدمها المسلم لأخيه ويساعده فيها، ويقول النبى صل الله عليه وسلم ك ( على كل سلامى من الناس صدقة، وكل خطوة يمشيا إلى الصلاة صدقة، وتعدل بين إثنين صدقة ، وتجد الرجل فتحمل متاعه صدقه، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة ) وقال نبينا أيضاً عليه الصلاة والسلام : ( تبسمك فى وجه اخيك صدقة ) بل قال صل الله عليه وسلم : ( وفى بضع أحدكم صدقة ) قالوا يارسول الله: أياتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ ) قال : أرأيتم إن وضعها فى حرام، أيكون عله وزر؟ فكذلك إذا وضعها فى حلال كان له أجر )
إن هذه الدعوة هى إلى الله عز وجل ، وليست إلى فرد ليكثر الأتباع من حوله او إلى جماعة أو إلى حزبٍ أو طائفة أو قبيلة، أو إلى عادات أو تقاليد أو موروثات،، إنما هى إلى الله عزوجل (( ربانية )) لا يخدشها شائب من أهواء النفس،،
والداعية يمارس أقدس مهمة، وإذن فلابد أن تكون هذه الدعوة صادرة عن علمٍ ووعىٍ وبصيرة، وليس معنى هذا حصرها بالعلماء، وإنما يصح القول بأن العلم كما هو جزئى فالدعوة جزئية ، فمن علم شيئاً صح أن يدعو إليه،كما قال النبى صل الله عليه وسلم:( بلغوا عنى ولو آيو ) رواه البخارى
ولابد أن يصاحب ذلك حكمة وعقل فالله يقول :
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)
إذن فالدعوة عملٌ علاجى أيضاً وتوجيهى ،، ولإيصال رسالة الحق والدين ينبغى ويجب إختيار المناسب من الصياغات والعبارات والأساليب بناءً على تحليل المدعو ودراسته ومعرفة مايناسبه،، ويتطلب ذلك معايشة الناس والإختلاط بهم ن ومعرفة همومهم ومشاكلهم وقضاياهم ليقترب من نفوسهم ، ويستفيد الداعية من تجارب الآخرين.
ومن أساليب الدعوة :
التدرج بما يلائم الحال حتى لا يرفض الناس حملة الخير لما اعتادوه وجبُلت عليهم نفوسهم من كراهة كل جديدٍ لم يألفوه ،، وحين بعث النبى صل الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن قال له : ( فليكن أول ماتدعوهم إليه عباده الله عز وجل، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات فى يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم ) الحديث متفق عليه
إذن فالتدرج عملة مهمة للإقتراب من نفوس الناس ومخاطبتهم بما يعرفون ويألفون،،.
إن مهمة الدعاة هى الدعوة ، لا التصنيف بالأحكام وتوزيعها على الناس، ووصف هذا أو ذلك بالضلال أو الفسق أو البدعة او الكفر والعياذ بالله كما يقول بعض المنكرين :
_نحن دعاة لا قضاة_ فالداعية إلى الله عزوجل ينبغى ألا يتقمص شخصية القاضى،
وأخيراً إن ما أحب أن أؤكد عليه هنا وخاصة الأساليب التى ينبغى أن يكون عليها مقام الداع إلى الله عزوجل الأسلوب الحسن كما أمرنا ربنا عزوجل فقال سبحانه: ( وجادلهم بالتى هى أحسن ) إشارة إلى الأسلوب الحكيم الرحيم حيث كلن صل الله عليه وسلم كما وصفه ربه (وكان بالمؤمنين رحيما) بل هو رحمة للعالمين أجمع حيث قال سبحانه :(وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين)،،، كذلك الإجتماع على الخير حيث إن الإجتماع على الخير بحد ذاته مطلبٌ حيث أمرنا عز من قائل:( وتعاونوا على البر والتقوى) إذن فهو عمل مشروع حث عليه وأمرنا به ربنا سبحانه وتعالى،
وقد يكون من الضرورى فى هذا العصر وهو عصر التنظيم والقوة أن يتم توحيد صفوف الدعاة كما ينبغى وأن يوجد فى الوقت ذاته أنماط من الدعوة إلى الله له استقلاليتها وحضورها وتأثيرها دون اشعال الحرب فيما بينها أو سوء الخُلق تجاهها، لذلك ينبغى أن يسارع الدعاة إلى تقويم الاخطاء وعدم الفرقة فيما بينهم كما تمت الإشارة إلى ذلك ،، كما ينبغى عليهم أيضاً دوام المراجعة والنقد البناء، وذلك لأن الجميع غير معصوم، ويحتاج للتصحيح بشكل دائم ومستمر لضبط علاقات الدعاة مع بعضهم ومع الآخرين وتحسين دورهم، حينئذٍ يوافق دورهم تلك الحكمة التى أمرالله الناس والدعاة بإلتزامها حيث قال سبحانه :
( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى
تعليقات
إرسال تعليق