نور الوحى.!
بقلمى دكتور // رضا العطار
فى يوميات السفير الألمانى المسلم(مراد هوفمان) يومية كتبها فى (بلجراد) عام 1978م عنوانها: ( لولا الوحى لظلننا عميانا) وفيها يناقش موقف الفلاسفة من قضايا الإيمان، وكيف حاولوا اخضاع قضايا الغيب لمنهج تفسيرٍ منطقى، وقرر أن هذا المنهج لا ينتهى بنا إلا إلى نتائج غير منطقية وقال:
( والحقيقة أن هؤلاء الرواد من الفلاسفة لم يبرهنوا بشكل فاطع إلا على مسألة واحدة فقط وهى : أننا لا نستطيع من خلال منطقنا الإنسانى أن نصل إلى إدراك حقيقة الغيب بشكل يقينى!).
هذا ما أدركه الأوربى المثقف المسلم.. بينما يسير بعض المفكرين فى عالمنا الإسلامى فى طريق معاكس فيتحدثون عن العقل، ويحاولون اصطناع التناقض بينه وبين الدين..فيكثر فى كلامهم ترديد مصطلح العقلانية ويعنون بها مايخالف الوحى ومايرفض الإيمان بالغيب!
إن الدكتور(هوفمان)يعيب على الفلاسفة الذين يسمون(اسلاميين) شدة انبهارهم بالفلسفة اليونانية ودورانهم فى فلكها وعدم مواجهتهم للمشكلات الفكرية المتجددة كقانون : السببية ومغزى الوجود؟
ويتساءل(هوفمان): هل استوى ارسطو هذا الثعبان على عقول هؤلاء الفلاسفة المؤمنين فقصروا وقصر نظرهم على الفلسفة فى الماضى فحسب؟
إن أدعياء العقلانية فى عالمنا العربى يتشدقون بهذا المصطلح غافلين عن أن للعقل حدوداً لا يتعداها وآفاقاً لا يجاوزها.. فليس العقل قادراً على معرفة الحقائق التى تعلو فوق قدراته.. وليس العقل جهازاً سحرياً قادراً على اكتشاف كل شىء والنفاذ إلى كل مستر؟
إن العقل هبة من الله للإنسان يعرف به الصواب من الخطأ وليميز به النافع والضار، ويقرر على ضوئه ماينبغى أن يفعله وفق موازيين الشريعة وفى نور الوحى.
أما إذا غاب نور الوحى فإن الظلمة تسود، والأبصار تعجز عن التمييز والإدراك، ومن أجل هذا هاجم أبوحامد الغزالى الفلاسفة الذين يقحمون عقولهم فيما لاتصلح لإدراكه وكتب فى ذلك كتابه :
(تهافت الفلاسفة) ليبرهن على عجز الفلسفة أن تغنى الإنسان عن الإيمان!
دكتور // رضا العطار
المجمع الجامع العلمى
مكة المكرمة
الإثنين 24 محرم 1428ه
تعليقات
إرسال تعليق