كومُ اللوفي بين عبقِ الماضي وأريجِ الحاضرِ.
بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي
إنَّ قريةَ " كومُ اللوفي " - مسقطَ رأسي - لتضربُ جذورها في أعماقِ التاريخِ إذ كانت ضمن القرى التي أشرقت عليها شمسُ الحضارة الفرعونيةِ ، تللك الحضارةُ التي أذهلت العالمَ فكراً وإبداعاً ؛ لتعددِ إنجازاتها ومخرجاتها ؛ لذا سطّرَ التاريخُ ذكراها بحروفٍ من نورٍ تأبي على النسيانِ أو المحوِ من ذاكرته ، وهي الآن - أي كوم اللوفي - تابعةٌ للوحدةِ المحليةِ ببني غني - مركز سمالوط - محافظة المنيا " عروسُ الصعيدِ " ، وهي قريةٌ تاريخها مشرّفٌ فاح عبقها في الماضي ، وينتشرُ أريجها في الحاضرِ ، تربطُ بين الأصالةِ والمعاصرةِ لتتطلعَ إلى مستقبلٍ أفضلَ بإذن اللهِ - تعالى - .
بمَ تتميزُ قريتي ؟
- تتميزُ قريتي بقيمتها التاريخيةِ ، تلك القيمةُ التي خوّلها إياها اتصالها بالحضارةِ الفرعونيةِ - كما ذكرتُ سابقاً - .
- كما تتميزُ برجالاتها ذوي الهيئاتِ والمكانةِ - وأعني بها المكانةَ الاجتماعيةَ - من قضى منهم ، ومن بقى ، أولئك الرجالُ الذين لا يألون جهداً في تقديمِ ما يملكون لخدمتها ، والسعي في قضاءِ حوائجَ أبنائها .
- كما تتميزُ بأهلها أصحابِ القلوبِ الطيّبةِ ، والوجوهِ الطلقةِ ، ذوي المروءةِ والشهامةِ ،المتمسكين بالمبادئِ والتقاليدِ ، الذين جُبلوا على الكرمِ ، فلم يقفُ فقرهم وإعوازهم حائلاً بينهم وبينَ جودهم بما يملكون إرضاءً لنزلائهم ، وإقراءً لضيوفهم .
- كما تتميزُ بشبابها من ذوي المؤهلات العليا ، وحملةِ الماجستيرِ والدكتوراه ، أصحابِ الهممِ العاليةِ ، والعزائمِ الفتيّةِ ، حاملي مشاعلَ النورِ ، قادحي زنادِ الفكر ، الذين إن فاخروهم من حولهم - بلسانِ قالهم- بكثرةِ أموالهم ، قالوا لهم - بلسانِ حالهم - : ما آتانا اللهُ - أي من العلمِ - خيرٌ مما آتاكم - أي المال - .
- كما تتميزُ بدُعاتها من حملةِ كتابِ اللهِ - عزَّ وجلَّ - أولئك النجومُ التي تلمعُ في سمائها ؛ لذا لم نستغربْ أن يُطلقَ عليها " بلدُ العلمِ والإيمانِ " .
كما تتميزُ بكثرةِ من نُرزقُ ونُنصرُ بهم - وأعني بهم ضعفائنا من أسيادنا الفقراءِ والمساكينِ - ، الذين يحسبهم الجاهلُ أغنياءَ من التعففِ لا يسألون الناسَ إلحافاً ، قال - ﷺ - : هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم " رواه البخاري .
هذا غيضٌ من فيضٍ ، قليلٌ من كثيرٍ مما تمتازُ به قريتي بيد أنَّ هناك احتياجاتٍ تنقصها ، وتعوقُ مسيرتها نحوَ التطورِ والتقدمِ ، ويمكنُ تقسيمها إلى قسمين :
- القسمُ الأولُ " احتياجاتٌ معنويةٌ " :
وتتمثلُ فيما يلي :
- حاجةِ أبنائها إلى الاتحادِ والتكاتفِ ، وتصفيةِ الخلافاتِ ، وإنهاءِ التبعيةِ والانقساماتِ ، والاجتماعِ على كلمةٍ سواءٍ .
- التخلصِ من الأُثرةِ - أي حبِّ النفسِ - ، وتغليبِ المصلحةِ العامةِ على المصلحةِ الخاصةِ ، وتقديمِ مصلحةِ الجماعةِ على مصلحةِ الأفرادِ .
- مدِّ يدِ العونِ ، وتقديمِ ما نستطيعُ تقديمه ، من حملِ الكلِّ ، وتقويةِ الضعيفِ ، والإعانةِ على نوائبِ الحقِ ؛ تحقيقاً للتكافلِ الاجتماعي من ناحيةٍ ، وتقويةً لأواصرِ القربى والمودةِ من ناحيةٍ أخرى .
- تنحيةِ محبي الظهورِ ، واستعراضِ العضلاتِ من أبنائها، الذين يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا عن تصدّرِ المشهدِ ؛ وما ذاك إلا لأن حبهم للبلدِ مدخولٌ ، وإيمانهم بقضاياها واحتياجاتها ضعيفٌ ، واستبدالهم بالمخلصينَ ، وتسليمهم دفّةِ السفينةِ ليقودوها نحوَ برِّ الأمان .
- دعمِ شبابها الطامحين الذين يريدون رفعتها ، ووضعها في صدارةِ القرى المتطورةِ والمتقدمةِ ، والوقوفِ وراءهم ، وعدمِ تثبيطهم بكلماتٍ أو بأفعالٍ تضعفُ همتهم ، وتثنيهم عن رسالتهم ، وما أخذوه على عاتقهم ، فهولاء الطامحون الأملُ معقودٌ عليهم ، والبركةُ مرجوّةٌ فيهم ، ولله درُّ القائل :
شبابٌ قنّعٌ لا خيرَ فيهم
وبوركَ في الشبابِ الطامحينا
- القسمُ الثاني " احتياجاتٌ ماديةٌ " :
وتتمثلُ فيما يلي :
- مركزِ شبابٍ للقرية ؛ وذلك لما للرياضةِ من دورٍ عظيمٍ في صقلِ أخلاقِ الشبابِ ، وتهذيبِ طباعهم ، وشغلِ أوقاتِ فراغهم .
- أكاديميةٍ للتدريبِ والتنميةِ تأخذُ على عاتقها رفعَ المستوى الفكري والثقافي لشبابِ القريةِ عن طريقِ عمل دوراتٍ وندواتٍ من قِبلِ أكاديميين متخصصين في كافةِ العلومِ والفنونِ .
- قصرِ ثقافةٍ ؛ ليكون ملتقى المثقفين من كتّابها وشعرائها ، بالإضافةِ إلى كونه وسيلةً لاكتشافِ المواهبِ المغمورةِ في القريةِ ، وصقلها ، ومدِّ يدِّ العونِ لها ؛ لتمكّنها من الظهورِ ، وتؤهلها لتبوأِ أماكنها اللائقةَ بها .
هذا هو أهمُ ما تحتاجه قريتي للوصول بها إلى ما تستحقه وتستأهله ، وإن كانت طموحاتها أكبرَ من إمكانياتها إلا أنَّ الأملَ في اللهِ موجودٌ ، والعزمَ على الارتقاءِ بها معقودٌ ، فهي قريةٌ ماضيها عريقٌ ، وحاضرها أنيقٌ بشيبها وبركتهم ، ومستقبلها مشرقٌ بإذنِ اللهِ بشبابها وهمتهم ، وتفاءلوا بالخيرِ تجدوه ، وأعينونا بقوةٍ .
تعليقات
إرسال تعليق