عقدة النقص ، وأثرها في الإنسان .
بقلم الأستاذ محمد شعبان التوني .
..اسمع. عند كلِّ إنسانٍ منا عقدةٌ تسمى عقدةَ النقص تحرِّكُنا في كلِّ أفعالنا ، فإذا رأيت مغرورا يرفع من قيمة الأنا ـ أي نفسه ـ فاعلم أن الذي دفعه إلى ذلك عقدةُ نقصِ نسبِه ، وإذا رأيت محبًّا للمال محبًّا لكثرتِه فاعلم أنَّ وراءَ ذلك نقصَ مالِه وفقرَه صغيرا ، وإذا رأيت عفويًّا يضرب بقوة فالذي حرَّكهُ لذلك نقصُ قوته ـ أي ضعفه ـ وإذا رأيت متزينا مبالغا في زينته فوراء ذلك نقصُ علمِه ، فكلُّ هؤلاءِ حرَّكتهم نواقصُهم فأرادوا أن يسدُّوا هذا الفراغَ فخرجت منهم هذه الأشياءُ المبالغ في فعلها ، أما المغرور فوُجِد في مجتمعٍ لا يحترم إلا ذوي الأنساب ، ونسبُه هو ضعيفٌ فأراد أن يمحوَ بالأنا ضعفَ نسبه فأعلى منها فغُرَّ ، وأما محبُ المال فوُجِد والناس يحبون المال أكثر من أنفسهم لا يسمعون إلا لذي المال ، ولا يهابون إلا ذا المال بينما هو فقير فملأ فراغه وحركتْهُ عقدة نقصه ليمجد المال تمجيدا ، وأما ذلك العفوي فوجد نفسه ضعيفا بين أناسٍ أقوياءَ فلما صار مثلهم أخذ يضرب بعفوية ، أما المتزين فوجد نفسه أمام علماء حديثُهم رَطِب لا يلتفتون إلى تزين فبدلا من أن يسعى ليتعلم ليجاري هؤلاء العلماء سعى ليملأ فراغه بالمبالغة في تزينه ـ وهو يجهل ـ ومع كل هذا يا صديقي فإنك تجد أناسا ـ وإن كانوا قليلين ـ ليس عندهم عقد نقص ، فتجد علماء متواضعين ، وأغنياء لا يمجّدون المال ، و حلو المنظر ليس مفرطا في زينته ، فمشكلة عقدة النقص هذه حلها في أن يرضى كلٌّ منا بما وجد نفسه فيه وبحاله وبما اختاره اللهُ له وسيجد نفسه تغلب على عقدة نقصِه هذه ، قال ـ تعالى ـ " يا أيُّها النَّاس إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرمَكم عند اللهِ أتقاكم إنَّ اللهَ عليم خبير" فافهم ذلك وتدبره.
تعليقات
إرسال تعليق