التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تفسيرُ الأحلامِ بين رائيها ومُعبّريها . بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي

تفسيرُ الأحلامِ بين رائيها ومُعبّريها .

بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي

 إنَّ مما يسترعي الانتباهَ ، ويغري بالعجبِ في هذه الأيامِ كثرةُ ما تطالعنا به وسائلُ الإعلامِ من مفسري الأحلام ، وعملُ لقاءاتٍ تليفزيونيةٍ معهم ، ومداخلاتٍ تليفونيةٍ ؛ ترويجاً لما يقدمونه من بضاعةٍ مزجاةٍ تأتي من قِبلِ أناسٍ غيرِ مؤهلين لذلك . 
وإن تعجبْ فعجبٌ من كثرةِ الرائين ، وتعددِ الرؤى حتى يكادَ يصدقُ علينا وصفنا بـ " الأمةِ النائمةِ " ، تلك الأمةُ التي كثرت أحلامها ، لدرجةِ أنها استعاضت عن تحقيقِ الأحلام - أعني بها الآمالَ والتطلعاتِ -  بتفسيرِ المناماتِ ، بالإضافةِ إلى كثرةِ من يدّعون العلمَ بالتفسيرِ ، وهم غيرُ مؤهلين للاضطلاعِ بهذه المهمة . 
 لهذه الأمورِ مجتمعةً رأيتُ لزاماً عليَّ أن ألقي الضوءَ على هذا الأمرَ ؛ لخطورته من ناحيةٍ ، ولرواجِ سوقه من ناحيةٍ أخرى ، فأقولُ - وبالله التوفيقُ -  :
ثمةَ أمورٌ ينبغي أخذها بعينِ الاعتبارِ ، من أهمها ما يلي :  
1- ينبغي علينا أن لا نتعلقَ بالأحلامِ والمناماتِ ، وأن لا يغتمَّ أحدنا بما يراه ؛ لئلا يتلاعبُ به الشيطانُ ، وليعلمْ كلٌّ منّا أن ما يراه في نومه قد يتحققُ في اليقظةِ وقد لا يتحققُ ؛ لذا لا ينبغي الاعتقادُ بأن ما رآه في منامه سيقعُ لا محالةَ ، كما لا ينبغي الخوفُ منه ، إذ أنَّ الرؤيا ثلاثةُ أقسامٍ ، ولا يقعُ منها إلا الرؤيا الصالحةُ ، فعن أبي هريرة - رضي اللهُ عنه - قال : قال رسولُ الله - ﷺ  - : " الرؤيا ثلاثٌ : فبشرى من اللهِ ، وحديثُ النفسِ ، وتخويفٌ من الشيطانِ ، فإن رأى أحدكم رؤيا تعجبه فليقصّْ - إن شاء - ، وإن رأى شيئاً يكرهه فلا يقصّه على أحدٍ ، وليقمْ يصلي " رواه ابن ماجه في سننه . 
فالرؤيا الصالحةُ من اللهِ ، وهي جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوةِ ، وهي التي يُعتدُ بها ، وما عداها أضغاثُ أحلامٍ لا يُعبأُ بها ، ولا يُقامُ لها وزنٌ . 
2- إذا رأى أحدنا ما يكره في منامه ، فليلتزمْ بالآدابِ الشرعيةِ المُشارِ إليها في حديث جابرٍ - رضي اللهُ عنه - عن رسولِ اللهِ   - ﷺ - قال : إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصقْ عن يساره ثلاثاً ، وليستعذْ باللهِ من الشيطانِ ثلاثاً ، وليتحولْ عن جنبهِ الذي كان عليه " ، رواه مسلمٌ . 
 3- أن نكونَ وسطاً في اعتقادنا فيها بعيدين عن إفراطِ المفرطين الذين غالوا فيها ، وبنوا عليها حالهم ومستقبلهم ، فأصبحت الرؤيا مدعاةً للإقدامِ على أمورٍ في أحايينَ ، ومدعاةً للإحجامِ عنها في أحايينَ أُخر ، وتفريطِ المقصّرين الذين لا يلقون لها بالاً . 
 4- أن ثمةَ شروطاً ينبغي توافرها فيمن يُقدمُ على تفسيرِ الأحلامِ ، وتعبيرِ الرؤى ، أولها :
 أن يكونَ عالماً ، مُطّلعاً على تفاسيرِ الأحلامِ ، وواقفاً على طرائقَ المفسّرين في التعبيرِ ، والقواسمِ المشتركةِ بينهم ، والاستفادةِ بما اُشتُهرَ منهم ، أو أُثرَ عنهم . 
ثانيها : أن يكونَ ذا ملكةٍ تؤهله لذلك ، ويصقلها بالنسجِ على منوالِ سلفنا الصالحِ - رضوان اللهِ عليهم - ، واتباعِ هديهم ، والسيرِ على سننهم . 
ثالثها : أن يكونَ مؤهلاً للتأييدِ الإلهي ، ولن يتسنى له ذلك إلا بتقوى الله وخشيته ، إذ قد سئلَ الإمامُ مالكُ - رحمه الله - : أيعبرُ الرؤيا كلُّ أحدٍ ؟ فقال : أبالنبوةِ يُلعبُ ؟ ، ثم قال : الرؤيا جزءٌ من النبوةِ ، فلا يُلعبُ بالنبوةِ . 
رابعها : أن يكونَ ذا فراسةٍ ؛ لتعينه على الربط بينِ حالِ الرائي ، وما يُتوسمُ فيه ، وبين رؤياه ؛ لأن ثمةَ ارتباطاً بينهما ، وللهِ درُّ ابن سيرين - رحمه اللهُ - ، فلقد حُكي أن رجلاً أتاه ، فقال : رأيتُ كأنيّ أؤذنُ ، فقال : تحجُ ، وأتاه آخرُ ، فقال :  رأيتُ كأنيّ أؤذنُ ، فقال : تُقطعُ يدك . فقيل له : كيف فرّقتَ بينهما ؟ قال : رأيتُ للأولِ سيماً حسنةً ، فأوّلتُ : " وأذّن في الناسِ بالحجِ " سورة الحج آية /27 ، ورأيتُ للثاني سيماً غيرِ صالحةٍ ، فأوّلتُ : " فأذّنَ مؤذنٌ أيتها العيرُ إنكم لسارقون " سورة يوسف آية / 70

خامسها : أن يكونَ متواضعاً غيرَ مغتّرٍ ، عارفاً مقدارَ ما أنعمَ الله به عليه ، الأمرُ الذي يتطلبُ منه أن يؤدي شكرها ؛ لئلا تزولُ بالاغترارِ .
5- أن لا نصدّقَ كلَّ ما يقالُ لنا في تعبيرها ، فمفسرو الأحلامِ بشرٌ كغيرهم يخطئون ويصيبون ، جاء عن ابن عباسٍ - رضي اللهُ عنهما - أن رجلاً أتى النبيَّ - ﷺ  - فقصَّ عليه رؤيا ، فطلبَ أبو بكرٍ - رضي الله عنه - أن يعبّرها ، فأذن له النبي - ﷺ - ، ثم قال أبو بكرٍ - رضي الله عنه - بعد ذلك : بأبي أنت أصبتُ أم أخطأتُ ؟ قال النبي - ﷺ -   : أصبتَ بعضاً ، وأخطأتَ بعضاً ..... " رواه مسلمٌ . 
فإذا كان هذا حالُ الصدّيقِ - رضي اللهُ عنه - ، وهو من هو ، فكيف بمن هو دونه ؟!   
6- إذا كان المفسّرُ حاذقاً ، وله درايةٌ بالتعبيرِ جاز له أن يأخذَ أجراً ، ويكونُ أجره مقابلَ ما بذله من جهدٍ لتعبيرِ الرؤيا ، لا مقابلَ تفسيرها على وجه القطعِ بمعناها بحيثُ لا تحتملُ معنىً غيره . 

هذه هي أهمُ الأمورِ التي أردتُ أن أنبّه إليها ، وأنوّه عليها حتى لا تتحكمُ الرؤيا في مجرياتِ حياتنا ، أو تؤثّرُ على قراراتنا ، أو تصبحُ أموالنا التي جعلها اللهُ لنا قياماً عُرضةً لأكلها بالباطلِ من قبِلِ من يمتهنون تفسيرَ الأحلامِ ، وهم عن ذلك بمعزلٍ ، اللهم قد بلغتُ ، اللهم فاشهدْ .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طوفان الظلم بقلم الشاعر،، هادى صابر عبيد

طوفان الظلم . لم تنل من عِلم عُقلائِها الأمُم الفقر أبكمُ والغِنى صَمم . وإذا القضاء بهِ العسكر يتحكم لا خير في شعب قانونه أَلْجَمَ . الحق سجين والقلوب حِمم الحكم للظلم والفساد علم . ضاقت البحار بسُكانها النِعم باتت الأسماكُ لِبعضها لُقمُ . حبل الفساد طال كالنار يلتهِم الفُقر أنهم تأكُلُ ثيرانها الغنم . لا تضنن ركود البحر مستسلمٌ غضب الأمواج تُغرِقُ القِمم . هادي صابر عبيد سورية / السويداء .

Covenants🌹 ,,,, By the poet ,,, xiao

誓言🌹 ~~写于2020.3.30. 殊途……花残 零落……一片 是你……捡起我们爱的图片 吻我之眸……遮我半世流离 抚我之面……慰我半世哀伤 携我之心……融我半世冰霜 星海……滚烫…… 今世……陪你疯狂痴癫 人间……理想…… 注定……在风的心窝里 追……寻…………………… 我们曾在春天许下的誓言 纵然……疲惫不堪 面对无敌的阳光 也……要…………………… 忠诚的警起沉重的快乐 因……世间………………… 唯你……可倾我心 覆我……之唇 收……我此生所有 回……首……………… 赠……你一世深情 云雨为伴……你还在…… 有山有水……有自然之气

تهنئ أسرة جريدة الخبر العلمية د./خالد العتال وعروسه د./ إسراء

تهنئة تهنئ أسرة جريدة الخبر العلمية د./خالد العتال وعروسه د./ إسراء حسونة بحفل الزفاف السعيد جمع الأهل والاصدقاء ونسأل المولى عز وجل أن يبارك لهما وعليهما ويجمع بينهما في الخير  وبالرفاه والبنين إن شاء الله رئيس مجلس الإدارة د./ حسام محمد خليل  رئيس التحرير د./ جيهان محمود