التخطي إلى المحتوى الرئيسي

منهجيةُ التعاملِ مع أقدارِ الله . بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي

منهجيةُ التعاملِ مع أقدارِ الله .

بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي 
  
إنَّ الإيمانَ بالقضاءِ والقدرِ ركنٌ ركينٌ من أركانِ الإيمانِ الستةِ ، التي يمكنُ أن تُصاغَ على النحوِ التالي : أن تؤمنَ باللهِ الذي أنزلَ ملائكته بكتبهِ على رسلهِ ؛ لينذروا الناسَ من اليومِ الآخرِ ، فإذا ما حدث ذلك فقد وقعَ قضاءُ الله وقدرهُ ، ولا يخرجُ عن قدرِ اللهِ - عزَّ وجلَّ - ملكٌ مُقرّبٌ ، ولا نبيٌّ مُرسلٌ ، فثمّةَ نواميسُ وقوانينُ إلهيةٌ لا يُستثنى منها مخلوقٌ - كائناً من كان - ، وكوننا بشراً يجعلنا خاضعين لأقدارِ اللهِ ، ولا نستطيعُ الفرارَ منها ، وإذا ما فررنا فإنما نفرُّ من قدرٍ إلى قدرٍ ، ولابد لنا من التعاملِ مع هذه الأقدارِ سواءً حلّت بنا أو بغيرنا ، وهذه هي بعضُ الضوابطِ التي ترسمُ لنا معالم منهجيةِ التعاملِ مع أقدارِ الله في الدنيا ؛ لنكون من المُبشّرين بجنةِ اللهِ في الآخرة ، قال تعالى : { وبشّرْ المُخبتين } سورة الحج  آية -34 ، ولقد فسّرها سفيانُ بقوله : المطمئنين الراضين بقضائه ، المستسلمين له . 
* ضوابطُ التعاملِ مع أقدارِ الله إذا ما حلّت بنا : 
- العلمُ اليقينيُّ بأنَّ ما أصابَ المرءَ لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، فالعنايةُ الإلهيةُ تُسيّرُ الأمورَ بحكمةٍ بمنأى عن العبثيةِ . 
- الاعتقادُ بأنَّ الحذرَ لا يمنعُ القدرَ ، فمهما بالغَ الإنسانُ في أخذِ الحيطةِ والحذرِ ، فقدرهُ آتيه لا محالةَ ، فما كان له لا يأتي لغيره ، وما كان لغيره فلا يصلُ إليه . 
- الصبرُ على قدرِ اللهِ والرضى به ، ولنا في رسول الله - ﷺ  - الأسوةُ الحسنةُ فعندما مات ولده إبراهيمُ - عليه السلامُ - جعلت عيناه تذرفان الدموعَ ، وقال : " إنَّ العينَ تدمعُ ، والقلبُ يحزنُ ، ولا نقولُ إلا ما يرضي ربنا ، وإنَّا بفراقك يا إبراهيمُ لمحزونون " ، وأن يكون صبرنا صبراً جميلاً  بلا شكوى للخلقِ كصبرِ يعقوب - عليه السلامُ - فلقد قال : { إنَّما أشكو بثّي وحزني إلى الله } سورة يوسف آية - 86 مع قوله : { فصبرٌ جميلٌ واللهُ المستعانُ على ما تصفون } سورة يوسف آية - 18 ، فالشكوى إلى الله - كما يقولُ ابنُ تيمية - لا تنافي الصبرَ الجميلَ . 
- أن يوقنَ الإنسانُ بأنَّ قضاءَ الله وقدره كله خيرٌ ، فاللهُ ما منعه إلا ليعطيه ، وما ابتلاه إلا ليدنيه ، وما أمرضه إلا ليصحّه ، وما أشقاه إلا ليسعده ؛ لذا كان أمرُ المؤمنِ مثارَ عجبٍ كما قال - ﷺ - : " عجباً لأمرِ المؤمنِ ! إنَّ أمره كله خيرٌ ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ ، إن أصابته سرّاءُ شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاءُ صبرَ فكان خيراً له " رواه مسلمٌ . 
- أن يوقنَ الإنسانُ بأنَّ ذلك من تقديرِ اللهِ - عزَّ وجلَّ - ، وأنَّ الخلقَ لا دخلَ لهم في ذلك ، وإنْ ظهرَ للعيانِ عكسُ ذلك ، فما هم إلا أسبابٌ تصلُ أقدارُ اللهِ على أيديهم إلى من أرادهم اللهُ . 
- أن لا يعتقد بأن اللهَ ما ابتلاه إلا لهوانه عنده ، لذا ابتلاه بقلةِ الدنيا ، وتكديرِ صفوها عليه ؛ لأن الأمرَ على خلاف ما يذهبُ إليه ،  فاللهُ سبحانه وتعالى - يقولُ في الحديثِ القدسيِّ : " كلا إني لا أكرمُ من أكرمت بكثرةِ الدنيا ، ولا أهينُ من أهنتُ بقلتها ، إنَّما أكرمُ من أكرمتُ بطاعتي ، وأهينُ من أهنتُ بمعصيتي " . 
* ضوابطُ التعاملِ مع أقدارِ الله إذا ما حلّت بغيرنا : 
  أن تتألمَ لألمهم ، وتأسى على مصابهم ، وهكذا أرادنا اللهُ ، وهكذا ينبغي أن نكونَ ، قال رسولُ الله - ﷺ  - : " مثلُ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثلُ الجسدِ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعي له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى " رواه مسلمٌ .
- أن لا تظهرَ الشماتةَ بأخيك ، فالشماتةُ مجلبةٌ للشرِّ ، ومفسدةٌ للدينِ ، ومقطّعةٌ لأواصرِ القربى ، وناقضةٌ لعُرى المحبة ، ومدعاةٌ لحلولِ البلاء ، قال - ﷺ - : " لا تظهرْ الشماتةَ لأخيك ، فيرحمه اللهُ ويبتليك " رواه الترمذي . 
- أن لا تنصّبَ نفسك حاكماً عليه ، فترى أن نزولَ البلاءِ به عن استحقاقٍ ، إذ لم يطلعك اللهُ على غيبه ، فقد يكونُ ذلك البلاءُ تكفيراً لسيئاته ، أو رفعةً لدرجاته . 
- أن تمدَّ له يدَّ العون - ما استطعت إلى ذلك سبيلاً - ، فيشعرُ عندئذٍ بأنَّ هناك - بعد الله - من يهتم بأمره ، ويغتمُّ لحزنه ، فيخفّفُ ذلك من وطءِ البلاءِ عليه ، قال - ﷺ   - : " من أستطاع أن ينفع أخاه فليفعل " رواه مسلمُ . 
- أن لا تحدّثَ الناسَ بما أصابه ، فثمة مرضى قلوبٍ ، وضعافُ نفوسٍ يسعدون بذلك ، ويتعمّدون إظهارَ شعورهم أمامه ، وهذا مما يسوءُ قلبه ويحزنه ، ويزيدُ من ثقلِ البلاءِ عليه . 
- أن تدعو له بظهرِ الغيبِ بأن يفرّجَ اللهُ كربه ، ويذهبَ همّه وغمّه ، وأن يرزقه من اليقينِ ما يهوّنُ به عليه مصائبَ الدنيا .
هذه هي الضوابطُ التي توضّحُ لنا منهجيةَ التعاملِ مع أقدارِ اللهِ ، وإذا ما اتبعناها ، وغرسناها في نفوسنا لأثمرت يقيناً يورثُ رضىً يجعلنا مستأهلين لأن نكون من الذين رضي اللهُ عنهم ورضوا عنه ، ففازوا بسعادةِ الدنيا ، ونعيمِ الآخرةِ . 

اللهم إنّا نسألك إيماناً نجدُ حلاوته في قلوبنا ، وسكينةً تطمئنُ نفوسنا ، ورضىً بقضائك ، وصبراً على بلائك تبلّغنا بهما جنتك إنك وليُّ ذلك والقادرُ عليه .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طوفان الظلم بقلم الشاعر،، هادى صابر عبيد

طوفان الظلم . لم تنل من عِلم عُقلائِها الأمُم الفقر أبكمُ والغِنى صَمم . وإذا القضاء بهِ العسكر يتحكم لا خير في شعب قانونه أَلْجَمَ . الحق سجين والقلوب حِمم الحكم للظلم والفساد علم . ضاقت البحار بسُكانها النِعم باتت الأسماكُ لِبعضها لُقمُ . حبل الفساد طال كالنار يلتهِم الفُقر أنهم تأكُلُ ثيرانها الغنم . لا تضنن ركود البحر مستسلمٌ غضب الأمواج تُغرِقُ القِمم . هادي صابر عبيد سورية / السويداء .

Covenants🌹 ,,,, By the poet ,,, xiao

誓言🌹 ~~写于2020.3.30. 殊途……花残 零落……一片 是你……捡起我们爱的图片 吻我之眸……遮我半世流离 抚我之面……慰我半世哀伤 携我之心……融我半世冰霜 星海……滚烫…… 今世……陪你疯狂痴癫 人间……理想…… 注定……在风的心窝里 追……寻…………………… 我们曾在春天许下的誓言 纵然……疲惫不堪 面对无敌的阳光 也……要…………………… 忠诚的警起沉重的快乐 因……世间………………… 唯你……可倾我心 覆我……之唇 收……我此生所有 回……首……………… 赠……你一世深情 云雨为伴……你还在…… 有山有水……有自然之气

تهنئ أسرة جريدة الخبر العلمية د./خالد العتال وعروسه د./ إسراء

تهنئة تهنئ أسرة جريدة الخبر العلمية د./خالد العتال وعروسه د./ إسراء حسونة بحفل الزفاف السعيد جمع الأهل والاصدقاء ونسأل المولى عز وجل أن يبارك لهما وعليهما ويجمع بينهما في الخير  وبالرفاه والبنين إن شاء الله رئيس مجلس الإدارة د./ حسام محمد خليل  رئيس التحرير د./ جيهان محمود