تعدّدُ الأزواجِ ...
بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي
إنَّ تعددّ الزوجاتِ لهو أمرٌ مباحٌ في شريعتنا ، مألوفٌ في مجتمعاتنا ، وبالرغم من ذلك ما زالت تتعالى عليه صيحاتُ النساءِ ، وتتوالى زفراتهن ، ويتحين الفرصةَ المتغنون بحقوق المرأةِ ، وينفخون في الأبواقِ بُغيةَ إحداث الفتنة ، واتهام التشريعِ الإسلامي بظلمِ المرأة ، وهضمِ حقوقها ، ولكنَّ تعدّدَ الأزواجِ - وإن كان المصطلحُ ليس صحيحاً لمخالفته للشرعِ من ناحيةٍ ، ولمنافاته لقدسيةِ المرأةِ وعفتها التي تتمثل في تعاملها مع رجلٍ واحدٍ ، وهو من أحله اللهُ لها من ناحيةٍ أخرى- للمرأةِ الواحدةِ في آنٍ واحدٍ لا يمتُّ إلى الشرعِ بصلةٍ ، ولا يوجدُ بينه وبين مجتمعاتنا نسبٌ أو آصرةٌ ، ولكنَّ شيوعَ هذه الظاهرة التي تعني أن يكون للمرأةِ الواحدةِ أكثر من زوجٍ - على اعتبارِ أن هذه العلاقةَ الآثمةَ زواجٌ بزعم أطرافها - في نفسِ الوقتِ حالة تطلع المرأة لرجلٍ آخر غيرِ زوجها تتوسم فيه ما افتقدته في رجلها ، أو أن يمدَّ الرجلُ عينيه إلى ما متّع الله به أزواجاً غيره ، فتتولدُ بينهما الرغبةُ في التواصل بيد أنهم يتحرجون - أحياناً - من هذه العلاقة ، فيبذلون قصارى جهدهم في محاولةِ صبغها بصبغةٍ شرعيةٍ - في زعمهم - فيعقدان بينهما عقداً عرفياً تصبح المرأةُ بموجبه زوجةً له يتناوبُ هو وزوجها عليها في خفيةٍ وتكتمِ شديدينِ ، والأمرُ الذي لا يمكنُ إنكاره أنَّ هذه الظاهرة قد بدأت في الانتشارِ في مجتمعاتنا الإسلاميةِ والعربيةِ ، وشيوعها مؤذنٌ بخرابِ المجتمعاتِ ، ودمارِ الأسرِ ، وفسادِ الأجيالِ ، وتفشي الرذيلةِ وانتشارها .
والسؤالُ الذي يطرحُ نفسه الآن : ما الأسبابُ التي تقفُ وراءَ انتشارِ هذه الظاهرةِ ؟
وللإجابةِ أقولُ : ثمة أسبابٌ تقفُ وراءَ انتشارِ هذه الظاهرةِ ، من أهمها ما يلي :
- ضعفُ الوازعِ الديني نتيجة لبعدِ الناسِ عن المنهجِ الرباني تارةً ، ولجهلهم بأحكامه وتشريعاته تارةً أخرى ، الأمرُ الذي ترتب عليه اتباع هوى النفسِ وملاذها ، ومحاولةُ التحللِ من ربقةِ التكاليفِ الشرعية .
- سوءُ التربيةِ ، وانعدامُ الأخلاقِ خاصةً العفةِ والحياءِ مما جعل الناس يلهثون وراءَ شهواتهم بلا استحياء ؛ لإشباعها غير مبالين بحرمة جريمتهم ، أو ما يترتبُ عليها .
- تقصيرُ الرجالِ في حقِ زوجاتهن ، وذلك لضعفهم ، أو لانشغالهم لتحصيل أرزاقهم .
- التقليدُ الأعمى للأجنبياتِ أو للمتحرراتِ من بني جلدتهن اللاتي لا يرقبن في أزواجهن إلّاً ولا ذمةً .
- ضيقُ ذاتِ اليدِ لدى بعضِ الأزواج مما يدفع زوجاتهن إلى التطلعِ لغيرهم ممن يكفيها مؤنتها ، ويشبعُ احتياجاتها .
- نافخاتُ الكيرِ ، أو صاحباتِ السوءِ اللاتي يحرضنهن على خوضِ هذه التجربة مجلباتٍ عليهن بخيلِ المبرراتِ ورجِلِها .
- الرفاهيةُ الزائدةُ التي تجرُ بعض النساءِ إلى أوحالِ هذه الفعلةِ الشنعاء بدافعِ التجديدِ وحبِّ الاستطلاع .
هذه هي أهم أسبابِ انتشار هذه الظاهرة - من وجهةِ نظري - ، وفي الختامِ لا يسعني إلا أن أقول :
إنَّ الأمرَ جدُّ خطيرٍ ، وشره مستطيرٌ ، ولابد من حمايةِ مجتمعاتنا عن طريقِ تقويةِ المناعةِ الفكريةِ حتى لا تجد هذه الأدواء وأمثالها إلى رجالنا ونسائنا سبيلاً ، بالإضافةِ إلى تقويةِ الوازعِ الدينيِ عن طريقِ نشرِ الثقافةِ الإسلامية ، وخاصةً ثقافةِ الحلالِ والحرامِ بين أبنائنا ، وتربيتهم عليها ، وتوثيقِ صلتهم بربهم فيصبحُ ذلك سياجاً مانعاً من اختراقهم أو اجترارهم إلى مستنقعِ هذه الرذائلِ ، وتلك الفواحشِ .
تعليقات
إرسال تعليق