ماذا لو سألني ربي ؟ بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي

ماذا لو سألني ربي ؟  
  
بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي

إنَّ من المُقررِ لدينا نحن -المسلمين - أنَّ كلاً منا مبعوثٌ بعد موته ، وموقوفٌ بين يدي ربه - لا محالةَ - ، ومسؤولٌ عمّا أسلفَ وقدّمَ في حياته الأولى إلا من استثناهم الله - سبحانه وتعالى - بدخولهم الجنةَ بغيرِ حسابٍ ، ولا سابقةِ عذابٍ ، وهم السبعون ألفاً ، ومع كلِّ ألفٍ سبعون ألفاً وثلاثُ حثيات - لا يعلمُ عدِّتهم إلا الله - من الله - عزَّ وجلَّ - ؛ وما ذاك إلا لأنهم بلغوا الغايةَ القصوى في كمالِ التوحيدِ ، وحسنِ التوكلِ ، والاستغناءِ عن الناسِ ، وتعلّقهم بربهم ، أمامن عداهم فموقفون ومسؤولون ، وعليهم أن يعدّوا لكلِ سؤالٍ جواباً ، وهم ممهولون ، فالوقتُ ما زال فيه متسعٌ ، وبابُ التوبةِ ما زال مفتوحاً لم يُوصدْ ، وفي هذا المقالِ نموذجٌ من الأسئلةِ التي تخيّلتُ أنَّ الله موقفي فيها ، وسائلني عنها ، فأقولُ - وباللهِ التوفيقُ - : 
ماذا لو سألني ربي قائلاً : هل أيقنتَ بوجودي ؟ وأقررتَ بتوحيدي - ربوبيةٍ و ألوهيةٍ وأسماءٍ وصفاتٍ - ؟ أم هل أنكرتني ؟ وعدلت - أي سويّتَ - بي ، وجعلت لي شريكاً من خلقي ؟
ماذا لو سألني ربي قائلاً : هل آمنت برسلي الذين جاءوكم مبشّرين لمن آمن بي ، ومنذرين لمن أبِقَ مني ؟ وهل صدّقتهم فيما أخبروك به عني ؟  
ماذا لو سألني ربي قائلاً : هل ائتمرتَ بما أمرتك به في كتابي ، أو على لسانِ رسولي ؟ وهل انتهيتَ عمّا نهيتكَ عنه في كتابي ، أو على لسانِ رسولي ؟ أم صممت آذانك دونَ  إرشاداتي ، وأغمضتَ عيونك عن توجيهاتي ؟ 
 ماذا لو سألني ربي قائلاً : هل عرفتَ قدري فلم تعصيني ؟ وأثنيتَ عليَّ بما أنا أهله فلم تحصيني ؟ أم غلبت عليك شقوتك فبارزتني بالمعاصي ، وصحبتَ العاصين ، واستطلتَ بما أنعمتَ عليك من قوةٍ على عبادي ، ولم ترقبْ فيهم إلّاً ولا ذمةً ؛ اغتراراً بي ، واجتراءً عليَّ ؟  
ماذا لو سألني ربي قائلاً : هل غضبتَ لي يوماً ابتغاءَ مرضاتي ؟  أو تمعّرَ وجهك مرةً لانتهاك حرماتي ؟ هل واليتَ من والاني ، وعاديتَ من عاداني ؟ أم كان تقربك إلى من تخافهم لضرٍّ - لضعفِ إيمانك ، وقلةِ إيقانك - ، أو ترجوهم لنفعٍ على حسابِ سخطي ومقتي فآثرتهم عليَّ ، وأعززتهم دوني ؟ 
ماذا لو سألني ربي قائلاً : هل أديتَ فرائضي كما أمرتك ؟ وهل تقربّت إليَّ بالنوافلِ حتى أحبك ، فتسألني فأعطيك ، وأتحبّبُ إليك برحمتي وأدنيك ؟ 
ماذا لو سألني ربي قائلاً : هل وصلتَ من أمرتك بوصله ؟ وهل جبرتَ خواطرَ المكسورين ، ونفّستَ كربَ المكروبين ؟ هل أخرجتَ حقي- فيما استخلفتكَ - فيه للفقراءِ والمساكين ؟ أم بخلتَ بمالي على عبادي فكنت عندي من المقبوحين ؟ 
 ماذا لو سألني ربي قائلاً : هل راقبتني في كلِّ ما تأتي وتذرُ ؟ هل كنتَ تعتقدُ بأني أراك ؟ إن كنت لا تعتقدُ بأني لا أراكَ فالخللُ في إيمانك ، وإن كنتَ تعتقدُ بأني أراكَ فلم جعلتني أهونَ الناظرين إليكَ ؟ 
هذه هي بعضُ الأسئلةِ التي دارت في مُخيّلتي ، وهي على قلّتها كافيةٌ - لو تحريّنا الدقةَ في الجوابِ عنها - لتصحيحِ المعتقدِ ، وإنارة طريقِ الأوبةِ إلى الهد الذي لا غنىً لنا عنه ، ولا استقامةَ لنا إلا بهداه .

تعليقات

المشاركات الشائعة