الخيانة الزوجية ... بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي

الخيانة الزوجية  ...    

بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي
         
إنَّ الخيانة الزوجية لهي السوسُ الذي ينخرُ في جسدِ العلاقةِ الزوجيةِ حتى يأتي بنيانها من القواعد ، تلك العلاقة التي تُعدُّ - من وجهة نظري - شراكةً طاهرةً ، فالزوجان شريكان والله ثالثهما ما لم يخونا فإذا خان أحدهما صاحبه خرج الله من بينهما ،  الأمرُ الذي يترتب عليه استحالة الطهرِ خبثاً ، وصيرورة العفةِ فجوراً ، والصفاءِ تكدّراً . 

والخيانةُ الزوجيةُ على أحوالٍ فقد ينفرد بها أحدهما ، وقد يشتركان فيها جميعهما ، والسؤال الذي يطرحُ نفسه الآن : ما الأسباب التي تؤدي إلى شيوعِ هذا المرضِ الخبيثِ ، وتقفُ وراءه ؟ 
وللإجابة أقول : ثمة أسبابٌ تقفُ وراء هذه الظاهرةِ الخطيرةِ التي تؤذنُ بفسادِ المجتمعات وخرابها ، من أهمها ما يلي : 
1- ضعفُ الوازعِ الديني بخطورة هذه الجريمةِ وعقوبتها ، والآثارالتي تترتب على حدوثها وشيوعها ، أو الاستهانةِ بحرمتها . 
2- التنشئة السيئة فقد يكون أحدهما أو كلاهما قد رُبّي على الدياثةِ ، وانعدام الغيرةِ على العرض . 
3- افتقادُ المرأةِ للشعورِ بالأمانِ مع زوجها ، الأمرُ الذي يدفعها للبحثِ عنه لدى رجلٍ آخر . 
4- إهمالُ أحدهما أو كليهما لنفسه ، فتُستبدلُ النفرةُ بالألفةُ ، والكراهيةُ بالمحبةِ ، وتنعدمُ الرغبة ولا يجد أحدهما في صاحبه ما يروي ظمأه ، أو يحقق بغيته ، فيولّي وجهه شطرَ آخر، ولله درُّ ابن عباس - رضي الله عنهما - حينما قال : إني أحبُّ أن أتزين للمرأةِ كما أحبُّ أن تتزين لي ؛ لأن الله تعالى يقول : { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف } سورة البقرة  آية - 228  ، وما أحبُّ أن أستنظف حقي عليها  - فيه ندبٌ للرجال إلى الأخذِ على النساءِ بالفضلِ ، والصفحِ لهن عن بعضِ الواجبِ لهم عليهن -  ؛ لأن الله تعالى يقول : { وللرجالِ عليهن درجةٌ } سورة البقرة  آية - 228
5- الخللُ النفسي لدى أحدهما أو كليهما ، وعدم ثقته في الآخرِ ، فبمجردِ أن يشكَّ أحدهما في سلوكِ صاحبه تجده مندفعاً إلى خيانته معاملةً له بالمثلِ - على حسبِ ظنه - وينسى ما يُمليه عليه إيمانه من العفةِ والطهارةِ ، ويغيبُ عنه أنه بفعله الآثم هذا ينتقمُ من نفسه أولاً قبل صاحبهِ . 
6- الحاجةُ الماديةُ فثمة رجالٌ - أعتذرُ عن تسميتهم رجالاً - تفتقدُ مقوماتِ القوامةِ ، وتتمتعُ بلامبالاةٍ منقطعةِ النظيرِ ، فيرفعُ يده عن أسرته ، وعن تحمّلِ مسئوليتها ، ويلقي بها على عاتقِ زوجته - وما لهذا خُلقت - التي تضطرُ في كثيرٍ من الأحايين إلى أن تبيع نفسها بثمنٍ بخسٍ مقابل تحصيلِ قوتها وقوتِ أبنائها . 
7- إدمان أحدهما أو كليهما للمخدراتِ - آفةُ العصرِ - ذلك الإدمان الذي يتسببُ في هدمِ الأسرِ وضياعها خاصةً مع ضيقِ ذاتِ اليدِ الأمر الذي يجعلُ الزوجين يتهاونان في عرضهما ، ويستجيبان - غير آبهين -  لداعي الرذيلةِ  إذا ما ناداهما . 
8- استعلاءُ المرأةِ على الرجل ، واستعظامها لنفسها مما يجعلها تنظرُ إلى زوجها بدونيةٍ وازدراء ، وتراه غير كفءٍ لها ، فتبحثُ عن ضالتها غير مكترثةٍ بحلِّ العلاقةِ أو حرمتها ، مختلقةً لنفسها المبررات التي هي أوهى من بيتِ العنكبوتِ - عافانا الله وإياكم - . 

هذه هي أهم الأسبابِ التي تقفُ وراءَ هذه الظاهرة ، وهي كما ترون يشتركُ فيها الرجلُ والمرأةُ ، والخطبُ جسيمٌ ، وما يترتبُ عليه أدهي وأمرُّ ، ونصيحتي للرجالِ حافظوا على بيوتكم ، وأدّوا الذي عليكم ، واسألوا نساءكم الذي لكم ، وعفّوا تعفُّ نساؤكم ، ويأيتها النساء إن عفّةَ المرأةِ وكرامتها أعزُّ ما تملك ، وبدونهما لا يُقام لها وزنٌ ، وقداسةُ المرأة في تعاملها مع رجلٍ واحدٍ ترى فيه كلَّ الرجالِ ، فلو حافظت المرأة على عفتها وكرامتها - مهما كان من تقصيرٍ أو ضيقِ ذاتِ يدٍّ ، أو مغرياتٍ - لكنَّ لها تاجاً يزيّنُ رأسها ، فتحظى عندئذٍ برضا ربها من ناحيةٍ ، وبتقديرِ زوجها ومجتمعها من ناحيةٍ أخرى .

تعليقات

المشاركات الشائعة