حياة الفراشات
بقلم/هيام_رضوان
جميعنا نعشق الفراشات بألوانها الزاهية وحراكاتها الرشيقة،وكيف أنها تتنقل بين الزهور وكأنها فى سباق مع الزمن،فى ذلك الوقت لا أدرى لماذا تذكرت صديقتى "حياة"
كانت حياة فتاة تمتلئ بالنشاط والحيوية مثل الفراشة ،تحب المرح واللعب وتحمل أحلاما كبيرة ؛ولكن لم أكن أتخيل أن تكون حياتها كحياة الفراشات......
نعم فقد تحولت حياتها رأساً على عقب حين عرفت أنها مصابة بمرض نادر فى الدم مما أضطرها إلى أن تدخل فى حرب شعواء ،حرب لطالما سمعت عن ضحاياها ، و كيف أن براثن الموت تتلقف كل من يدخلها،حرب لا تعرف شفقة ولا رحمة؛حرب تجاهد كثيراً لكى تكسب ولو جولات قليلة ،أنها "حرب الكيماوي"
لقد أخبر الأطباء "حياة" الى ضرورة العلاج بالكيماوى ،لقد كان وقع هذة الكلمة كالصاعقة التى عصفت بحياتها وزلزلت جنباتها وتركتها كالريشة فى الهواء .......
شهور وأيام مرت عليها وكأنها دهور وهى تحارب هذا المارد القاتل وهو ينهش جسدها الهزيل الذى تحول من زهرة مفعمة بالحياة الى أوراق جافة تعصف بها الريح ولا تعرف وجهتها...
حرب كانت تخوضها بمفردها ضد هذا المارد القاتل"السرطان" حتى وإن كانت تتلقى الدعم المعنوى ،ولكن هيهات هيهات أن يخفف ذلك من الموت البطئ الذى يعتصر جسدها وروحها،هذا الشعور القاتل بالألم الى حد جعلها لا تشعر به ؛ ليس لأنه يخف ؛ولكن لانها تشعر أن جسدها شبه ميت.
لا شئ يستقر فى جوفها حتى وان كانت رشفة ماء تروى ظمأها للحياه وهذا النزيف المتدفق من جسدها كالموج الهادر فى محيط المجهول !!!
كأن هذا المرض العضال أصبح يرفض كل شئ،كالنار التى تأكل الأخصر واليابس ..حتى المسكنات لم تعد سوى عبئ ثقيل على جوفها المتهالك الذى لم يعد يحتمل اكثر من ذلك..
أكثر ما كان يحرق فؤادها هو نسيانها لأحبتها وصديقات طفولتها ففى كل مرة تغيب عن الوعى تفقد جزء من حياتها وتمحى صفحات من ذاكرتها؛
ولكن الشئ الوحيد الذى أطفأ نيران الحزن أن لسانها لم يتوقف ولو للحظه عن ذكر الله وحمده حمدا كثيرا وان صبرها على هذا البلاء انما هو اختبار من الله وأن الله رؤوف رحيم لن يضيع أجرها......
كانت حياة تعرف ان دعائها لاحبتها وقت الشدة سيسعدهم فربما تكون هناك ساعة استجابة،لم تتذكر نفسها ولا ألمها ولا تلك الدموع المنهمرة كبركان ثائر يشق طريقه فوق وجنتيها الذابلتين يحرق كل ما يلاقيه فى طريقه ؛لم تكن تتذكر ذلك المارد القاتل الذى ينهش جسدها النحيل ودموعها الجافه ،لم تغفل أن تدعوا لهم أن يحميهم الله من هذا العذاب الذى تتجرع كؤوسه واحد تلو الاخر ولحظات الالم وأنما تذكرت أمها وأخواتها ،كانت تحاول ان ترسم البسمة حتى تشعرهم أنها على أحسن ما يرام كانت الإبتسامة لاتفارق ثغرها وعيونها المليئة بالحب لكل من حولها كانت تحاول أن تشعرهم ان رحيلها عنهم ليس الإ عطلة سوف تقضيها فى مكان جميل لاتشعر فيه بالألم أو تضطر أن ترتشف كؤوس الدواء المر وأنها سوف تستمتع وهى تداعب خصلات شعرها النمسدل علي كتفيها ،وتحكى لهم على انواع الطعام والشراب التى ستتذوقها دون خوف ...لقد جعلت رحيلها يحمل لها الأفضل حتى لا تتوقف حياتهم عند محطة الحزن والألم المميت الذى عاشته وعدتهم انها ستكون معهم بروحها....رحلت "حياة" بعد ان عاشت حياة الفراشات القصيرة !! ليتنا نعرف أن الحياة قصيرة حتى وأن طالت أيامها!!
تعليقات
إرسال تعليق