رسالةٌ إلى الدعاة إلى الله،،، بقلم ،،،، . الدكتور عمران صبره الجازوي
گرسالةٌ إلى الدعاة إلى الله .
بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي
اعلموا - رعاكم الله - أنه لا توجدُ - على الإطلاقِ - مكانةٌ أعلى ، ولا منزلةٌ أسمى من منزلةِ من دعا إلى الله ، وعمل صالحاً ، قال تعالى : { ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى اللهِ وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين } سورة فصلت آية - 33 وعلوُّ المكانةِ ، وسموُّ المنزلةِ يتأتى من عظمِ المسئوليةِ المُلقاةِ على عواتقكم ، والمنوطةِ برقابكم ، والتي تتمثلُ في توضيحِ كيفيةِ الوصولِ إلى شاطئِ الله ربِ العالمين ، وردِّ الآبقين والشاردين عن منهجه الذي اختطه لهم إلى حظيرته ، وعدمِ تقنيطِ العصاةِ والمذنبين من رحمته .
أيها الدعاةُ ،إنَّ المهمةَ عظيمةٌ ، وتبعاتها ثقيلةٌ ، ولكنَّ الظنَّ بكم أنكم لها بأهلٍ ، ولولا ذلك ما شرّفكم ربكم بحملها ، ولا قيّضكم لأدائها ، فاسمعوا - وفقككم الله - إلام سأسديه لكم ، واقبلوه واعملوا به ، فما أسهلَ النصحَ ، وما أشكلَ قبوله !
- أيها الدعاةُ ، اعرفوا قدرَ من تدعون إليه ، ويسّروا الطريقَ على من أراد الوصولَ إليه ، فقد بعثتم ميسّرين لا معسّرين ، مبشّرين لا منفّرين .
- أيها الدعاةُ ، صحّحوا عقائدكم ، وطهّروها من أدرانِ الإلحادِ ، وما اعتراها من رذاذِ الشركِ ؛ ليتسنى لكم تصحيحَ عقائدَ من تدعونهم ، ففاقدُ الشيءِ - كما تعلمون - لا يعطيه ، والعقيدةُ هي الأساسُ فإذا ما صحّت قُبلت الأعمالُ ، وإلا رُدّت على صاحبها - والعياذُ بالله - وكان مأزوراً غيرَ مأجور .
- أيها الدعاةُ ، ادعوا إلى سبيلِ ربكم بالحكمةِ ( بالحججِ العقلياتِ ، والدلائلِ اليقينياتِ ) لأصحابِ العقولِ والفلسفاتِ ، وبالموعظةِ الحسنةِ لأصحابِ الفطرِ السليمة ، والقلوبِ النقيةِ ، تلك القلوبُ التي تستشرفُ انبثاقَ النورِ الإلهي ؛ ليشعَّ بداخلها فينيرُ ظلماتها، وبالمجادلةِ بالتي هي أحسنُ لأصحابِ المشاغباتِ والمخاصمات ، وليكن هدفكم إظهارَ الحقِ سواءً أكان على لسانكم أو لسانِ غيركم ، لا غلبة الخصمِ أو إفحامه .
- أيها الدعاةُ لا تجعلوا التنظيرَ بمعزلٍ عن التطبيقِ ، فإنَّ المرءَ إذا خالف قوله فعله باء بغضبِ الله ومقته { كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون } سورة الصف آية - 3، وأُغلقت دونه قلوبُ العبادِ وأسماعهم ، فيقفُ ذلك حائلاً بينكم وبين ما تريدون الوصول إليه .
- أيها الدعاةُ ، اجعلوا بغيتكم قلوبَ العبادِ قبل عقولهم ، افتحوا مغاليقها ، وداووا مكلومها ، واجبروا كسرها ، فإنْ فعلتم أسلموا إليكم زمامَ عقولهم ، ولاقت دعوتكم قبولاً ، ورسائلكم استحساناً ، ويحيي اللهُ بها موتي النفوسِ ، ويزكّي بها الأرواح فتستجيبُ لبارئها ، وتقبلُ عليه .
- أيها الدعاةُ ، كونوا همزةَ الوصلِ بين الله وعباده ، وخذوا بإيدي المنقطعين عنه إليه ، ليذرفوا عبراتِ الندمِ والتفريطِ بين يديه ، فيفتحُ أمامهم بابُ القربِ على مصراعيه ، فيحظوا - عندئذٍ - بمعيته ، ويتنعموا في عنديته .
- أيها الدعاةُ ، اغلقوا الأبواب في وجوه المرجفين والمنافقين الذين يتحينون فرصَ الولوجِ ؛ لإفسادِ الدين ، وتشويهِ عقائد الموحّدين .
- أيها الدعاةُ ، كونوا شموساً ؛ لتذيبوا بإشراقاتِ علمكم جليدَ الشبهاتِ التي يثيرها أعداءُ الدين ، وينفخون في نارها لتشتعل ، فاجلبوا عليها بخيلِ الأدلةِ ورجلها ؛ لتدحضوها ، وتبيّنوا فسادها .
- أيها الدعاةُ ، كونوا صخوراً عاتيةً تتحطمُ عليها أهواءُ المشكّكين ، والمجادلين الذين أخذوا على عواتقهم مهمةَ زعزعةِ العقيدةِ في نفوسِ معتنقيها ، والتخلي عن مبادئ الدين وأخلاقياته من قِبلِ المتحلّين بها .
- أيها الدعاةُ ، كونوا على حذرِ من أعداءِ الدينِ مرة ، ومن أدعيائه ألفَ مرة ، فخطرُ الأدعياءِ مضاعفٌ ، وشرهم مستطيرٌ .
أيها الدعاةُ ، اعلموا أنَّ خيرَ ما صعد من الأرضِ الإخلاصُ فابذلوه ، وخيرَ ما نزل من السماءِ التوفيقُ فاطلبوه .
وأخيراً وليس آخراً أرجو أن تلقى رسالتي قلوباً منفتحةً ، وآذاناً مُصغيةً ، ونفوساً متقبلةً ؛ لتصبحوا - أحبتي في الله - كالغيثِ أينما حللتم نفعتم ، وكنتم القومَ الذين لا يشقى جليسهم بحولِ الله وقوته .


تعليقات
إرسال تعليق